تحدِّد رؤية العراق 2030 في مضمونها عقدا اجتماعيا جديدا بين الدولة والمواطن، من شأنه أن يعزِّز ثقته ببلده ؛ فتتوافر له فرص تطوير الذات والعمل وكسب الدخل، وتوفر الاستراتيجيات التنموية التي ينبغي لها أن تحقِّق ما يمكن تحقيقه، في ضوء التحديات الخارجية والداخلية والإمكانات الوطنية، ولاسيّما طبيعة شعبه وتنوَّعه، وتعدُّدِ موارده الطبيعية. إذ تكشف معطيات الواقع عن أنَّ الظروف الحالية يمكن أن توفِّر فرصة تاريخية غير مسبوقة لتحقيق التغيير التنموي المنشود. وهذا ما تؤكده تطلعات العراقيين الى غدٍّ مشرقٍ وحياة مزدهرة.
إنَّ أولى أولويات التنمية المستدامة في العراق هي أن تكتسب وجها إنسانيا ناصعا، بحيث تضع الناس في قلب اهتماماتها، وتجعل الانسان بوصلة توجه مساراتها، وتستهدي بما يحقق رفاهية الانسان وأمنه وتطلعاته. ويُعدُّ الهيكل السكاني الشاب أفضل مزايا العراق والثروة الحقيقة التي يمكن أن يواجه بها التحدّيات المستقبلية بشتّى ضروبها. لذا إنَّ هدف البناء المنشود يستوعب الانسان ودوره الوجودي ووظائفه الاجتماعية، ويعبر عن قيم الحرية والعدل والانصاف، وما يريده لمستقبل أفضل. ويتسع مضمون بناء الانسان ليشمل عناصر التمكين المادية وغير المادية، وتنطوي على مظاهر التعليم والتعلُّم والصحة، وفرص كسب الدخل والفكاك من الفقر والتهديد وانعدام الأمن، وضمان مشاركة جميع الناس في الاستفادة من المكاسب التي توفرها عملية التنمية المستدامة، عبر اكسابهم القدرة على تحقيق هذه الاستفادة، وتعزيز مهاراتهم ومعارفهم وأوضاعهم المعيشية والصحية، وتشجيع الفئات الأضعف بينهم على تحقيق اندماج فاعل في المجتمع؛ لضمان مشاركة الجميع في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ولاسيّما الشباب والشابات الذين ينبغي ضمان استعدادهم للمستقبل، فضلا عن تمكين مزيد من النساء وتشجيعهنَّ على الدخول الفاعل في سوق العمل واكتساب الدخل وتنويع مصادر دخل أُسرهن.